(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116))
(بَدِيعُ السَّمَوَات وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117))
(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118))
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119))
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120))
(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121))  
 (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122))
(وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ(123))  
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124))  
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125))
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126))
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127))
(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128))
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129))  
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130))
( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131))  
 ( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(132))  

P

 

(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116))

الإنسانُ دائماً وأبداً يظلِمُ ربَّهُ ويظلِمُ نفسَهُ وحاشَا للهِ  سبحانه و تعالى  أنْ يتّخذَ الولَدَ لأنَّهُ بذلك يكونُ بحاجَةٍ إلى أمورٍ أو رَغباتٍ، وما احتاجَ اللهُ  سبحانه و تعالى  لأيِّ خلقٍ منْ خلْقهِ، وما كانَتْ له الغَرائزُ وإلّا انتقِصَ الكمالُ الإلهيُّ، وإلحاقُ النُّقصانِ باللهِ  سبحانه و تعالى  كُفْرٌ بَواحٌ، فكلٌّ خاضعونَ ومُستسلمونَ وعابدونَ للهِ  سبحانه و تعالى ، فقدْ خضعَتْ له السَّماواتُ والأرضُ ومنْ فيهنَّ.

(بَدِيعُ السَّمَوَات وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117))

والإبداعُ هوَ الإتْيانُ بأمورٍ لمْ تكنْ وما كانَتْ قبلَ ذلك، والإبداعُ هوَ العَظمةُ وهوَ السُّموُّ في الخَلقِ، فكلِمَةٌ كُنْ فيكونُ هيَ وسيلةُ الخلْقِ للهِ  سبحانه و تعالى  فيَكونُ الأمرُ كلُّه بأمرِهِ  سبحانه و تعالى .

(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118))

أنَّهم لا يَعلمونَ عظمَةَ وكمالَ اللهَ  سبحانه و تعالى ، ولا يَعلمونَ انتفاءَ المُشابهةِ بينَ اللهِ  سبحانه و تعالى  وخلقِهِ، وعدمَ إمكانيّةِ رؤيَةِ اللهِ  سبحانه و تعالى  جهرَةً أو تكليمِ اللهِ  سبحانه و تعالى  لهم جهرَةً، وهذا طريقٌ المُجادلينَ المُلحدينَ، فلا يؤمنونَ بالمُعجزاتِ ولا يُؤمنونَ بالآياتِ، ولذلك فالمُعجزةُ ليسَتْ وسيلةً مُطلقةً للإيمانِ، وهذهِ الكلماتِ والآياتِ بيَّنَّاها وأرسَلْناها ووضَّحْناها لقومٍ يؤمنونَ ويصدِّقونَ.

(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119))

يا مُحَّمَدُ إنّا أرسَلْناكَ بالحقِّ بشيراً ونذيراً ومُبشِّراً بالجنَّةِ وبرحمةِ اللهِ  سبحانه و تعالى  وعفْوِهِ، وكلُّ إنسانٍ يَسأَلُ عنْ نفسِهِ عمّا فعَلتْ يداهُ وعمَّا ضلَّلَ وكفّرَ وفَتَنَ.

(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120))

الحياةُ مواقفٌ وثبات ٌويقينٌ ومتى تزعزَعَ الإنسانُ عنْ مواقفِهِ وثباتِهِ ويقينِهِ وأهدافِهِ ضاعَ وضيَّعَ، أصحابُ المَبادِئِ والقيَمِ والأهدافِ همْ قواعُدُ وجبالُ هذا الكونِ، لأنَّهم يثَبِّتونَ الحقائِقَ والقيَمَ والمَبادِئَ الطَّاهرةَ الزَّكيّةَ الّتي آمنُوا وصدَّقُوا بها واتّبعُوها فلا يَتغيَّرونَ ولا يتبدَّلونَ، والنَّصارى واليَهودَ لنْ يَرضَوا عنْكَ يا مُحمَّدُ  صلى الله عليه و آله و سلم  حتّى تَتّبِعَ مِلَّتَهم، فالحربُ اليومَ وقديماً معَ الإسلامِ وليسَ معَ المُسلمينَ، واللهُ  سبحانه و تعالى  يهدِّدُ ويتوعَّدُ وينَبِّهُ منَ الرّسولِ  صلى الله عليه و آله و سلم  حتّى آخرِ الأمَّةِ إلى يومَ القِيامَةِ، فمتى غيَّرْتُم وبدَّلْتُم واتَّبعْتُم وبِعْتُم واشتَريْتُم واتَّبعْتُم أهواءَهم بعدَ ما تَبيَّنَتْ لكم الحقائِقُ فما لكَ مِنَ اللهِ  سبحانه و تعالى  مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصيرٍ.

(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121))

اللهُ  سبحانه و تعالى  يتكلَّمُ عمَّنْ أسلَمَ منْ أهلِ الكتابِ، وهمُ الّذينَ آتَيْناهُمُ كتاب مِنْ الكُتُبِ السّماويّةِ ثمَّ تَركُوا كُتُبَهم واتَّبعُوا القرآنَ يَتلوْنَهُ حقَّ تلاوَتِهِ أولئِكَ يؤمنونَ به ومَنْ يَكفُرُ به فأولئِكَ همُ الخاسِرونَ.

 

 (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122))

يَطلبُ  سبحانه و تعالى  أنْ يتذكَّرَ بنو إسرائيلَ نِعمَتَهُ الّتي أنْعَمَها عليهم كَنعْمَةِ الإيمانِ ونعمَةِ العَطاءِ ونِعمةِ الخلاصِ، وأنَّه  سبحانه و تعالى  فضَّلَهم على الأمَمِ الّتي سبَقتْهم فقط.

(وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ(123))

يجِبُ عليك أنْ تخلِّصَ نفسَكَ فلا ينفَعُكَ الانْبطاحُ ولا النِّفاقُ ولا المُسايَرَةُ، إذا تَركْتَ الحقَّ والحقيقةَ واتِّباعَ دينِكَ، فلا تَجزِي عنْكَ نفسٌ شيئاً، ولا يُمكِنُ أنْ يتَشفَّعَ بكَ أحدٌ في الآخرةِ، إنَّما خِزيٌ وعارٌ وضياعٌ في الدُّنيا والآخرةِ.

(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124))

اللهُ  سبحانه و تعالى  علّمَ إبراهيمَ وابْتلاهُ بكلماتٍ، والكلماتُ هيَ: أنْ علَّمَهُ  سبحانه و تعالى  سُنَنَ الإسلامِ وسُنَنَ الإيمانِ، وقدْ حفِظَ إبراهيمُ النِّعمةَ وسارَ في طريقِ اللهِ  سبحانه و تعالى ، فسّيدُنا إبراهيمُ   عليه السلام  أبو الأنبياءِ، وهيَّأَ النَّاسَ في التَّسليمِ للهِ  سبحانه و تعالى ، فلذلك جُعِلَ إبراهيمُ   عليه السلام  أبا الأنبياءِ، لكنَّ الرَّسولَ  صلى الله عليه و آله و سلم  هوَ إمامُهُ وقائِدُهُ وهوَ أفضلُ مِنْ كلِّ مَنْ كانَ في هذا الوجودِ.

(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125))

هذا البيتُ هوَ مَثابَةٌ للنّاسِ كلِّهم وأمنٌ فمَنْ دخَلَهُ كانَ آمناً إلّا الآبِقَ والمُعتديَ والمُجرمَ، مِنَ السُّنَّةِ للإنسانِ أثناءَ العُمرَةِ أو الحَجِّ أنْ يُصلِّيَ أمامَ مَقامِ إبراهيمَ   عليه السلام  ويجعلَ مقامَ إبراهيم بينَهُ وبينَ الكعبةِ، وابْنيَا مَلجأَ النَّاسِ وقِبلَةَ النَّاسِ كلِّهم، واجْعَلا هذهِ الكعبَةَ مَوطناً وأماناً وهوىً للنَّاسِ بآلِ بيتِ رسولِ اللهِ  صلى الله عليه و آله و سلم  فهمْ الّذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ والصِّلةُ معَ اللهِ  سبحانه و تعالى .

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126))

فسّيدُنا إبراهيمُ   عليه السلام  يدعو أنْ تكونَ بلداً آمناً، فمَكّةُ والكَعبةُ ملاذٌ وأمْنٌ وراحَةٌ للنّاسِ، ولكنَّ الرَّسولَ  صلى الله عليه و آله و سلم  دعا للمَدينةِ المنَوَّرةِ دعوَتَينِ، أمّا الذينَ غيّرُوا وبدّلُوا وأخذُوا مِنْ خيراتِ تلكَ البلادِ وغيّروها وتَسلّطُوا على أموالِ الأمّةِ وأموالِ النّاسِ، فقدْ دعا عليهم إبراهيمُ u.

(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127))

فعندَما بدأَا برفْعِ قواعدِ البيت بعد أن أسّسَاهُ على حجارةٍ خضراءَ صُلبةٍ ورفعَا البِناءَ فقالَ u: ربَّنَا تَقبَّلْ منا هذا العَمَلَ واجعَلْهُ خالِصاً مُخلصاً لِوجهِكَ الكَريم إنَّك أنتَ السّميعُ العَليمِ.

(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128))

هذا هوَ الحَقُّ، وهذا هوَ الإيمانُ، فالأمَّةُ هيَ أمّةُ الإسلامِ مُسلمَةٌ لك مِنْ ذرِّيَّةِ إبراهيمَ وإسماعيلَ، ويا رب علِّمْنا مناسِكَ الحَجِّ والعِبادةِ والإسلامِ إنّكَ أنتَ التّوابُ الرَّحيمُ.

(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129))

فالرَّسولُ  صلى الله عليه و آله و سلم  هوَ دعوةُ إبراهيمَ ودعوةُ الإسلامِ والإيمانِ والحَقِّ والحقيقةِ، أيْ إلى الكَعبةِ ومَنْ حولَها فمَنْ حولَها همُ الّذينَ يدُلُّونَ عليها ويُقدِّسُونَها وهمْ أئِمَّتُها وهمْ القائِمونَ عليها.

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130))

والذي لا يُريدُ مِلَّةَ إبراهيمَ   عليه السلام  وهيَ الإسلامُ، فقدْ ضيَّعَ نفسَهُ وسَفَّهَها وسيّدُنا إبراهيمُ   عليه السلام  مُصطَفىً في الدُّنيا والآخرةِ، وهوَ مِنَ الصَّالحِينَ.

( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131))

فمِلَّةُ الإسلامِ هيَ مِلَّةُ إبراهيمَ وإسماعيلَ ومُحمّدٍ  صلى الله عليه و آله و سلم  وكلِّ الأنبياءِ والنَّاسِ كلِّهم.

 ( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(132))

فقدْ وصّى إبراهيمُ بها كلَّ أبنائِهِ، ووصَّى بها يعقوبُ بَنِيهِ، وقدْ جاءَ أنْبياءُ بني اسرائيلَ منْ سلالَةِ يعقوبَ عليه السلام ولذلك حَدِّدَهم كلَّهم وصّاهم بالإسلامِ لأنّ النّهايةَ يومَ القِيامةِ هيَ للإسلامِ فمِنْ بعدِ الرَّسولِ  صلى الله عليه و آله و سلم  لا يُقبَلُ عندَ اللهِ إلّا الإسلامُ.