عندَما خَلَقَ اللهُ سبحانه وتعالى الإنسانَ خلقَ معَهُ الذَّاكرةَ أو الخَيالَ بلغةِ الأقدَمِين، والذَّاكرةُ هيَ أرشيفُ الإنْسانِ في هذهِ الحياةِ كلِّها، وهيَ مَجمَعُ المَعلوماتِ والمَفاهيمِ والمَداركِ وتُسجِّلُ للإنسانِ كلَّ ما تدرِكُهُ الحواسُّ أو يَتَبنَّاهُ العَقلُ أو ما تكونُ بهِ مَقاماتُ الإنسانِ وحوادِثُهُ في هذهِ الحياةِ، والذَّاكرةُ تَبدَأَ بالإنسانِ مِنْ صغَرِهِ وتَنتهي معَهُ إلى أنْ يَنْتَهيَ مِنْ هذا الوجودِ، وتكوِّنُ أرشيفاً كاملاً عمَّا رآه وسمِعَهُ ولمَسَهُ وذاقَهَ وأحسَّهُ وأدرَكَهُ وتَعقَّلَهُ، فبِهذهِ الإحاطَةِ العلميَّةِ والأرشيفيَّةِ للإنسانِ يَستطيعُ الإنسانُ أنْ يستخلِصَ الأمورَ ويُدرِكَها ويفْهَمَها ويقارِنَها ويقارِبَها ويَقيسَها ويتأمَّلَها وفي النِّهايَةِ يَستجلِبُ فهْمَها، وعندَما يتأمَّلُ ويتفكَّرُ الإنسانُ في حياتِهِ إنَّما يتأمَّلُ ويتفكّرُ بالمُعطياتِ الّتي في ذاكرَتِهِ، فيتأمَّلُ في ما أدرَكَهُ ونظرَهُ وسمِعَهُ وأحسَّ بهِ وفهِمَهُ ويَتأمَّلُ في مُقارباتِهِ وقياساتِهِ ومُناظراتِهِ ومُحاكاتِهِ للأمورِ، ويتفكّرُ ويتدبَّرُ ويَزدادُ فَهْمُ الإنسانِ وإدراكُهُ للأمورِ إذا جمَعَ هذا الأرشيفَ كلَّهُ وحَاكَاهُ وتأمّلَهُ، وعندَما تفهَمُ حادثَةً أو تُعبِّرُ عنْ أيِّ قراءَةٍ أو أيِّ مَسرحيَّةٍ أو أيِّ أمْرٍ شاهدْتَهُ في هذا الواقِعِ الحياتِيِّ، وعندَما تتأمَّلُ جوانِبَهُ ومعانِيهِ ومادِّيَّاتِهِ ومَحسوساتِهِ وتَستخلِصُ الفَهْمَ منه تكونُ قدِ اسْتجلبْتَ العِلْمَ إنْ لم يكنْ كلُّه فأكثرُهُ.
الإستِدلالُ عَلى الخَالقِ من إبدَاعِ خَلقِ القمر
المقدمة
أسئلة و أجوبة
الخلاصة
كامل الدرس